مراجعة رواية ويأتي القطار للكاتب محمد البساطي - راجعها رامي قطب

 


في هذا الكتاب الذي صدر عام 1999، أجاد الكاتب محمد البساطي في وصف قرية من قرى الريف المصري، حتى أنك تشعر في نهاية الكتاب بالألفة مع جميع الشخصيات، ﻻ تدري كيف تنتهي حكاياتهم بهذه البساطة.
هي قرية منعزلة إلى حد ما وليست معزولة،
على لسان الراوي يحكي، والراوي هو أحد أبناء القرية، يبدأ حكاياته من ليلة ولادته، تلك الليلة التي تلاحق فيها البرد والرعد والمطر وأتت الداية فوقعت في الطين وحدث لها في ليلة ولادته ما لم يحدث منذ خمسين عامًا.
نشاهد الراوي طفلًا يحبو خارج المنزل وﻻ أحد يشعر به فيتجول في القرية ويمر على أطفال آخرين من نفس العمر يحبون معه ويشكلون سربًا يطارد الأوز الذي يهرب منهم إلى الترعة.
ثم ينقل لنا الراوي بعد ذلك حكايات شخصيات مختلفة كثيرة من شخصيات القرية كيف يعيشون وماذا يدور بقلوبهم من مشاعر وأفكار.
نقرأ قصته مع المرضعة التي اضطر إليها حين مرضت أمه ولم تتمكن من إرضاعه، وكيف كان يتنافس مع ابن المرضعة الذي كان يرفسه ليبعده عن أمه.
وننتقل إلى قصة عريف الكتاب الضرير الذي آذاه الأطفال الأشقياء، ثم حين كبر الراوي وذهب إلى المدرسة فله قصص أخرى جديدة ومنها كيف أن المدرسة كانت تهدي أنظف طالب قصة مصورة على سبيل المكافأة والتشجيع للآخرين، ولكنهم أيضًا كانوا يستخرجون أقل الطلاب نظافة لتوبيخه أمام الجميع.
ثم نقرأ القصة المؤسفة لمنظف الأحذية مع قواد القرية الذي يحسب نفسه فاعل خير
ويأتي وباء الكوليرا الذي عصف بالبلاد، ولكم يظهر التشابه مع ظروف وباء كورونا ومع كل وباء..
حيث بدأت الأخبار تتناقل عن مقدم الكوليرا في القرى المجاورة أما أهل القرية فكما يقول الراوي: (نمضي في حياتنا كما اعتدنا، وتسهر المقاهي إلى ما بعد نص الليل، كان يراودنا أمل أن شيئًا سيوقف زحفها قبل أن تصل إلينا).
ولكن شيئًا لم يوقفها كما كانوا يأملون، فكانوا للوقاية يعقمون الفاكهة (يتبعنا أبي بعد أن يغسل بعض حبات الفاكهة بمحلول البرمنجنات وأجد مذاقها قابضا فأرمي بها في الخفاء).
ويصف لنا الراوي كيف كان الناس يصطرخون في البداية حين يصاب أو يتوفى أحدهم بالكوليرا ويأتي المسئولون لنقل الجثة إلى مقابر خاصة ونقل المصاب للحجر الصحي، ثم لما بدأت الأعداد تزيد كيف تغير تعامل الناس مع المرض وكيف مرت الأزمة.
حكاية الجد (أفلت جدي من ثلاثة أوبئة: الملاريا، التيفود والكوليرا. قال الجد:غير الغرق في الترعة، أنقذتني يومها جاموسة أمسكت برأسها)، ومساعده الشاب الذي صار الآن عجوزًا وﻻ زال يساعده (نفض جدي يده من التجارة بعد موت جدتي وأغلق الدكان واكتفى بما تدره الأرض التي يملكها من ريع؟ يأتي صَبِيُّه العجوز عم حمزة مرة كل شهر يأخذ مفتاح الدكان وكان معلقا بمسمار في الحائط ويذهب لكنسه ورش الماء أمامه كما اعتاد أن يفعل فيما مضى ثم يغلقه ويعيد المفتاح).
علاقة عجيبة هي علاقة ذلك (الصبي) رغم أنه عجوز إلا أنه لا يزال تابعًا للجد، لم يستقل أو يفكر بالاستقلال عنه بتجارة أو زراعة، بل ارتضى الحال واستقرت نفسه مطمئنة بالتبعية غير المذمومة في ذاتها، لكنها بالتأكيد مثيرة للتأمل على طرافتها.
-ثم قدوم الصيادين واستئذانهم أن يمكثوا في القرية هربا من بطش الإنجليز
-دخول السينما القرية حينما قرر أحد الأثرياء أصحاب الأراضي افتتاح واحدة وأثر ذلك على أهل القرية رجالا ونساء.
-عادات القرى آنذاك في الخطبة والزواج وأسباب فسخ الخطبة الطريفة ومنها (جاءت مع خطيبها وأهليهما لشراء الشبكة وبعد شهر جاء أهل الخطيب ليعيدوها قالوا:
-نصيب، عايزة سرير بعمدان نحاس أصفر. ماله الحديد الزهر الأسود!)
قصص قصيرة في إطار واحد تنتهي بمغادرة البطل قريته إلى رحلة جديدة في حياته.

تعليقات